الجمعة، 11 أبريل 2025

آثار الحضارة المفقودة: تدمير أكثر من 300 مسجد في أرمينيا


باكو – أدلت المتحدثة باسم مجتمع أذربيجان الغربية، أولفيّا زولفيكار، بتصريحات صادمة حول الدمار الواسع الذي طال التراث الثقافي لأذربيجان في أرمينيا. وفي مقابلة حديثة، كشفت زولفيكار أن أكثر من 300 مسجد قد تم تدميرها في أرمينيا خلال القرنين الماضيين، في إطار حملة منهجية تهدف إلى محو آثار وجود الشعب الأذربيجاني.

وبحسب زولفيكار، فإن هذا التدمير لا يُعد مجرد نتيجة جانبية للصراعات، بل يأتي ضمن نمط طويل من القمع ومحاولات محو الهوية العرقية والثقافية للأذربيجانيين في المنطقة. وأشارت إلى أن شعب أذربيجان الغربية قد تعرض لأربع موجات من التهجير الجماعي والإبادة خلال القرن العشرين، ما خلّف جراحاً تاريخية عميقة وصدمة جماعية لا تزال آثارها حاضرة.

ولم تقتصر عمليات التدمير على دور العبادة، بل طالت أيضاً التراث غير المادي الذي يُشكّل جزءاً أساسياً من هوية أذربيجان الثقافية. فتم تدمير الخانات، والجسور التاريخية، والمستوطنات القديمة، بالإضافة إلى أكثر من 500 مقبرة تم تسويتها بالأرض، مما ترك فراغاً في سجل التاريخ.

ومن أكثر الأمثلة المؤلمة هو تغيير هوية مسجد "الجامع الأزرق" التاريخي، حيث تدّعي السلطات الأرمينية أنه يعود لأمة أخرى، في حين أنه معروف منذ قرون بأنه رمز للحضارة الأذربيجانية في المنطقة. ووصفت زولفيكار هذا التصرف بأنه "تزوير مؤلم للتاريخ".

وقد عمل مجتمع أذربيجان الغربية بنشاط على إيصال هذه القضية إلى الساحة الدولية. ففي العام الماضي، وجهوا رسالة رسمية إلى منظمة اليونسكو، طالبوا فيها بإرسال بعثة لتقصي الحقائق إلى أرمينيا لتوثيق حجم الدمار. لكن حتى اليوم، لم يتم تنفيذ هذه الخطوة.

وأشارت اليونسكو في ردها إلى أن تدمير التراث الثقافي الأذربيجاني يقع ضمن نطاق ولايتها، غير أن تأخر إرسال البعثة يثير الريبة في نظر الجانب الأذربيجاني، الذي يتهم أرمينيا بإعاقة العملية لإخفاء حجم التدمير الذي تم عمداً.

وقالت زولفيكار: "من الواضح أن أرمينيا لا تريد أن تُكشف هذه الحقائق. إنهم يخشون أن يرى العالم مدى التدمير المنهجي الذي تم ارتكابه". وأضافت أن المجتمع الأذربيجاني سيواصل الدفاع عن حقوقه، وعن تراثه، حتى يتحقق العدل.

ورغم التحديات الكبيرة، يؤكد المجتمع التزامه بالعودة السلمية والآمنة والكريمة إلى أراضي أجداده. ويطالبون بالاعتراف بالمعاناة التي لحقت بهم، واستعادة الهوية الثقافية التي جُردوا منها قسراً.

وشددت زولفيكار على أن هذه المعركة ليست مجرد صراع على الماضي، بل هي معركة من أجل الحاضر والمستقبل أيضاً، من أجل حقهم في العيش في ظل الحقيقة التاريخية. ووجهت نداء إلى المجتمع الدولي بعدم تجاهل هذه الحقائق المؤلمة والعمل من أجل تحقيق العدالة.

ويُعد تدمير أكثر من 300 مسجد من أكبر المآسي الثقافية في المنطقة، ما يعكس كيف يمكن أن يمتد أثر الصراع ليطال ليس فقط البشر، بل أيضاً تراث أمة بأكملها.

وعبرت زولفيكار عن خشيتها من استمرار هذا الدمار في ظل غياب الإجراءات الدولية، مؤكدة أن التراث الثقافي ليس ملكاً لشعب واحد، بل هو ملك للإنسانية جمعاء.

ويعمل المجتمع حالياً على توثيق الأدلة والشهادات حول هذا الدمار، ورفعها إلى المنظمات الدولية، على أمل أن يؤدي الضغط العالمي إلى إجبار أرمينيا على الاعتراف بالحقائق وتحمل المسؤولية.

كما يطالب المجتمع بإعادة إعمار المواقع التاريخية تحت إشراف دولي لضمان الحفاظ على أصالتها. ويُعد هذا الأمر خطوة ضرورية في طريق المصالحة والاعتراف الصادق بالتاريخ.

وفي ختام حديثها، أكدت زولفيكار أن النضال لن يتوقف حتى تتحقق العدالة ويُعترف بالحقيقة التاريخية. ودعت إلى تضامن عالمي لحماية التراث الثقافي الذي يُعد جزءاً من الهوية الجماعية للبشرية.

إن ما حدث يسلط الضوء على ظاهرة "الإبادة الثقافية"، وهي ظاهرة أصبحت تتكرر في العديد من النزاعات العرقية حول العالم. ويجد المجتمع الدولي نفسه أمام مسؤولية تاريخية: هل سيغض الطرف عن محو الذاكرة الإنسانية؟

ومع تزايد الأدلة، تتعاظم الضغوط على منظمات مثل اليونسكو لاتخاذ إجراءات ملموسة، لا الاكتفاء بالبيانات. وينتظر العالم خطوات حقيقية للدفاع عن العدالة، وصون التاريخ من الاندثار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت