اهم زعماء المذهبين الواقعي والطبيعي في الادب الفرنسي

واليوم نتعرف على اهم زعماء المذهبين الواقعي والطبيعي ، ومن اهم كتاب المذهب الواقعي كل من ستندال وبلزاك وفلوبير اما اهم زعماء المذهب الطبيعي فهم الاخوان دي جونككور واميل زولا ( 1840- 1902) و جي دي موباسان ( 1850 – 1892) والفونس دوديه ( 1840-1897).
زعماء المذهب الواقعي:


ستندال: اول زعماء المذهب الواقعي في القصة الفرنسية هو بلا شك الكاتب القاص " هنري بايل" والذي عرف في عالم الكتابة باسم "ستندال". كانت قصة ستندال الخالدة ( الاحمر والاسود) اول محاولة جدية في احلال المذهب الواقعي محل المذهب الرومانسي الحديث في فرنسا، وقد وصف فيها الحياة المعاصرة وصفا واقعيا بعيدا عن اية مسحة رومانسية، اي وصفا خاليا من تكلف مشاعر الرقة والشفقة على الفقراء والمحتاجين الذين يزحمون المدرسة الرومانسية كما نلاحظ في قصة البؤساء لفكتور هيجو، لقد بشر ستندال في قصته هذه بمذهب القوة والغلبة وذلك قبل ان يبشر به نيتشة الالماني فيما بعد، وصور بطل قصته رجلا افاقا شرسا يتوسل بقوته الجسمانية المخيفة الى حياة الدعة والرغد والعيش الحيواني الوضيع ، ثم مضى في تصوير بقية شخصياته على هذا المنوال واضعا نصب عينيه مطابقة الواقع والامانة التي لا تستحي في قول الصدق، مما هو من سمات القصة الفرنسية في العصر الحديث.

بلزاك: يعتبر بلزاك خالق المذهب الواقعي ومرسي دعائمه فهو كما وصفه الناقد سانت بيف " اعظم رجل انجبته فرنسا" حيث انه تمتع بشهرة ومكانة ادبية عظيمة كسفت جميع الكتاب ومنهم ستندال نفسه. لقد تأثر بلزاك في اول نشأته بالمذهب الرومانسي الا انه افاق فجأة على هاتف الخلود الذي اوحى له بفكرة سلسلة طويلة من القصص الرائعة لتي سماها فيما بعد باسم" الملهاة الانسانية" والتي استوعب فيها الحياة الفرنسية في مختلف اوضاعها، ولم يترك صنفا من الناس الا وصفه ولا جماعة من الجماعات الا اعطانا منها صورة لا تبرح مخيلة قارئها . كان لا يبالي اذا كان يصف ملكا او ملكة ، قائدا او اديبا او شاعرا ثم يقفز ليصف لنا طباخا او جنديا او امرأة او جزارا او فلاحا عاديا. حيث كان يصفهم بنفس الحرارة والصدق الجريء، ثم هو يثب من الوصف العام الى الوصف الخاص الدقيق الذي يتغلغل في اعماق المشاعر ودنيا الاسرار، ملونا صوره الواقعية هذه بلمحات حلوة جذابة من المذهب الرومانسي، لكنه لا يسمح لتلك اللمحات بالطغيان على الاصل، وهنا ميزة بلزاك، وهذا كله موشىبكثير من النظرات الفلسفية والدراسات والتحليلات الرقيقة العميقة في ان واحد.

فلوبير: اما جوستاف فلوبير فحسبه انه منشىء لأروع قصة في الادب الواقعي وهي قصة "مدام بوفاري"، والقصة صورة بارعة للحياة الريفية الفرنسية في منتصف القرن التاسع عشر، وصف فيها فلوبير الطبقة البرجوازية التي نشأ هو منها، والعجيب ان فلوبير بالرغم من واقعية موضوعاته الا انه كان يحن الى برقشة المذهب الرومانسي وزخارفه البيانية، فلم يكد يفرغ من مدام بوفاري حتى عاد ليضرب في تيه الرومانسية في قصته " سالامبو" التي احيا فيها ذكرى قرطاجنة في اسلوب مصنوع موشى بالزخارف طار به من عالم الواقع المرير الى عالم الاحلامم والعاطفة المشبوبة.

اعلام المذهب الطبيعي:

الاخوان دي جونكور: لاشك بأن الاخوين دي جونكور : ادمون ( 1822 – 1896) و جول ( 1830 – 1870) هما مبتكرا المذهب الطبيعي في الادب الفرنسي، بل هما مبتكرا ايضا المذهب الرمزي الذي سآتي على ذكره في مقال قادم. او يعود اليهما الفضل في ابتكاره. كان نشاط هؤلاء الاخوين لا يقف عند حد وكانت لهما ميزات ادبية وفنية متنوعة. فيؤثر انهما ادخلا مبادىء الفن الياباني في فرنسا. وقد الف ادمون آخر كتبه عن الفنان الياباني " كوساى". وقد كتبا في كل شيء في الادب الصرف في الرسائل، المقالات، القصص والمسرحيات، ومقالاتهما في وصف المجتمع الفرنسي في القرن التاسع عشر من امتع ما كتب في هذا الباب. ان شخصياتهم القصصية والمسرحي كانا يأخذانها بشكل صرف من الحياة العامة عمن يتصل بهم من الناس اخذا طبيعيا لا يزيدان فيه ولا ينقصان، ان عملهما الادبي ينحصر في تسجيل حركات الشخصيات بدون تدخل حتى لا يكاد القارىء ان يحس بوجود الكاتب . انهما آلة كاتبة او " كاميرا" في يد البيئة او يد الحياة. ان غرضهم الوحيد هو ان يوفروا للاجيال القادمة اكبر قدر من المستندات الحية التي يعرفون بها اهل الجيل الحاضر معرفة كأنهم يرونهم بها رأي العين.

العجيب ان قصص دي جونكور ومسرحياتهما لا يقرأها احد اليوم الا الذين يشتغلون بالحفريات الادبية. واهم ما تركا خلفهما هو "جورنالهم" الذي يؤرخ لحقبة طويلة حافلة من تاريخ الادب الفرنسي والذي استمر من عام 1851 ولغاية 1895م وعلى الرغم من ان القارىء يصطدم اثناء قراءته للجورنال بطائفة من الفضائح والمخزيات، الا انه يبتهج لما يشعر به من انه يعيش في هذا الزمن ووسط اهله حيث انهم تناولوا في جورنالهم كل من جوته، اميل زولا، فلوبير، رودان، بودلير، اوسكار وايلد وغيرهما.

اميل زولا: ولد اميل زولا في باريس سنة 1840م من اب فرنسي يجري في عروقه الدم الايطالي واليوناني، وقد مات واميل زولا ما زال طفلا، لذا قاسى الصبي حياة بؤس شديدة وبدأ حياته يكتب في احدى دور النشر وباجر زهيد. لقد لقي زولا الاخوين دي جونكور عام 1868 فوصفاه " بالقلق والتشوف والعمق والتعقيد والتحفظ" وبأنه " ليس من اليسير ان يفهمه احد على حقيقيته". اول ما فكر به كان كتابة سلسلة من القصص الطبيعية الموسومة باسم روجين ماكارت (Roujon - macqurt)
والتي ظل يكتبها ويصدرها طيلة ثلاثين عاما. تناول فيها زولا حياة اسرة من الاسر العادية الفرنسية فصور كل من افرادها تصويرا مسهبا على طريقة دي جونكور، تلك الطريقة التي لا تبرر تصرفا من التصرفات ولا تدافع عن خطة يختطها بطل القصة في الحياة بحيث تختفي شخصية الكاتب نهائيا فلا يحس به القارىء طالما هو منغمس في القراءة. ان كل قصة من هذه المجموعة تتناول مظهرا بعينه من مظاهر الحياة اليومية الزاخرة كالاسواق العامة والمشارب والسكك الحديدية والمناجم وعالم الاقتصاد والاوراق المالية وحالة الحرب سنة 1870، وترهات المعتقدات الدينية . لقد صور زولا حسب ما قال جان كارير" رذائل عصره ومخزياته من حياة العرابيد والافاقين واللصوص والعاهرات والسكارى والشاردين والمعتوهين وسفلة البرجوزية والجنود الجبناء والوراء المهزومين الخ". لقد وعد زولا بعالم زاخر بالحياة الصحيحة فاعطانا مشتفى وضلالات الطبقة لا يمكن تصورها.

خطر المذهب الطبيعي:

ان خطر المذهب الطبيعي عند زولا وغيره ناشىء من التزام الصدق في تسجيل محريات الحياة والمبالغة في الالتزام بذلك دون ان يعمل الادباء حسابا للعواطف المكبوتة ودون ان يحفلوا بالعادات والتقاليد او الاداب بل انهم لا يقيمون وزنا للفضائل وحميد السجايا. ان المذهب الطبيعي ينتهي دائما الى التحلل من كل ذلك ، ومن الملفت للنظر بأن زعماء المذهب الطبيعي لم يكونوا الا من ضعاف البنية من الادباء او المرضى والعليلين من المفكرين ، فقد مات دي جونكور في الاربيعين من عمره، بعد حياة سائبة اكب فيها على حياة الخمر والمخدرات، اما اخوه ادمون فقد وصفه الناقد ( سارسيه) بانه" رجل تعس معتل الجسم مختل الاعصاب، جدير بالشفقة والرثاء" ، وهذا وصف ينطبق عل كل من اميل زولا وموباسان فقد جن جنون موباسان بعد ان جاوز الاربعين بوقت قصير ثم مات مشلولا بعد اكباب طويل على السموم.
اهم زعماء المذهبين الواقعي والطبيعي في الادب الفرنسي اهم زعماء المذهبين الواقعي والطبيعي في الادب الفرنسي بواسطة Admin في 4:48 ص تقييم: 5

ليست هناك تعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.